• الموقع: مركز آل الحكيم الوثائقي.
        • القسم الرئيسي: شهداء آل الحكيم.
              • القسم الفرعي: شهداء آل الحكيم (رض).
                    • الموضوع: الشهيد آية الله السيد مجيد نجل آية الله السيد محمود الحكيم (قدس سره).

الشهيد آية الله السيد مجيد نجل آية الله السيد محمود الحكيم (قدس سره)

النسب والنشأة:


أبو محمد علي السيد مجيد نجل آية الله السيد محمود الحكيم (قدس سره)، ولد عام (1347 هـ) في مدينة النجف الأشرف مركز الحوزة العلمية والمرجعية الدينية، واعتقل عام (1403 هـ) ليمكث في السجن سنتين لينال وسام الشهادة الرفيع على أيدي البعثيون البرابرة المجرمون وذلك عام (1405 هـ).

مقامه العلمي:


بعد إتمام الشهيد الراحل السيد مجيد الحكيم (قدس سره) مرحلة المقدمات والسطوح على أيدي كبار أستاذة الحوزة العلمية في عصره في النجف الأشرف، حضر أبحاث الخارج لدى عمه آية الله العظمى الإمام السيد محسن الطباطبائي الحكيم (قدس سره) وقد أجازه الأخير بالاجتهاد.
وإلى جانب دراسته الدينية اشتغل بالتدريس فكان أحد أساتذة الحوزة العلمية في النجف الأشرف.
عمل مدرِّساً في الحوزة العلمية، وكذلك في مدرسة العلوم الإسلامية.
ومما ترجم لهُ صاحب كتاب معجم رجال الفكر والأدب:
(عالم فاضل أديب جليل من أفاضل الطلاب والمشتغلين, كان ورعاً صالحاً غير مهتم بالحياة متواضعاً مجداً في دروسه, تولى رعاية إخوته بعد وفاة والدهِ الفقيد السيد محمود سنة 1375ﻫ ـ 1975، وساهم في تحرير بعض المجلات والنشرات الأدبية في النجف الأشرف, له: كتابات في الفقه والأصول).
في أول بدءه بالتدريس كان يعطي دروسه في مدرسة (اليزدي الكبرى) الواقعة في محلة (الحويش)؛ علماً أن المدرسة في عُرف حوزة النجف الاشرف كانت تعتبر محلاً لسكن الطلبة، وفيها يُعطى طالب العالم غرفة يحق لهُ فيها إعطاء الدروس، أو المباحثة.

عبادته:


رغم مروره (قدس سره) بظروف صعبة فلم يكن كل ذلك ليقوى على تغيير برنامجه العبادي، وفي هذا الصدد يذكر نجله سماحة السيد محمود قائلاً:
(كان (قدس سره) يطيل في صلاته كثيراً، ولقد بقي ملتزماً بذلك حتى وهو في (موقف الأمن العامة) ، ولم تكن الأحداث الجسيمة التي تعرض لها خلال حياته لتؤثر على وتيرة عباداته).
ويذكر نجله السيد محمد تقي الحكيم:
(مما عرفته عن والدي الشهيد السيد مجيد الحكيم (قدس سره) إنه كان ملتزماً في كل الظروف بتأدية نوافل صلوات المغرب والعشاء والصبح، وهذه الملازمة لهذه النوافل تركت في نفسي انطباعا بأن والدي كان يرى إنها كالواجب الذي لابد من تأديته).
وإضافةً إلى ما ذُكر من كثرة عبادته فإن الصور والقصص التي تشير إلى احتياطاته هي الباعث الرئيسي لتعبير شهيد المحراب آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره) عنه في الذكرى السنوية العاشرة لشهادته بالمقدس.
ونفس التعبير أطلقه عليه عزيز العراق سماحة العلامة المجاهد حجة الإسلام والمسلمين السيد عبد العزيز الحكيم (قدس سره)، وكذلك سماحة الشيخ عبد الله اللنكراني، والشيخ مهدي اليزدي، والسيد محمود دعائي.
وقد أكد نجله سماحة السيد محمود على ذلك بقولهِ:
(إنني وبعد شهادته لم ألتقِ بصديق من أصدقائه الا وأكد على شدة تقواه وكثرة إحتياطاته).

اهتمامه بالشعائر الحسينية:


النقاط أدناه مصاديق واضحة تؤيد اهتمامه بالشعائر الحسينية:
1ـ رغم اهتمامه الشديد باستمرار دروسه, وسعيه إلى استثمار كل الأوقات, ورفضه التعطيل مهما تكن المبررات إلا أنه كان يمتنع عن التدريس في كل عام خلال الأيام الثلاثة عشر الأولى من شهر محرم, حداداً على سيد الشهداء (عليه السلام) وأهل بيته وصحبهِ.
2ـ التزامه بارتداء السواد ابتداءً من اليوم الأول من شهر محرم من كل عام, وحتى يوم 28 صفر ذكرى شهادة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، ويُلزم بذلك جميع أفراد عائلته.
وظل ملتزماً بتلك الشعيرة حتى سنة اعتقاله؛ نعم ربما أمر أولاده بعدم التقيد بذلك تقيةً بعد موجة الاعتقالات في الثمانينات أثر الهجمة الشرسة التي قام بها نظام صدام ضد الشباب المتدين.
3ـ في العشرة أيام الأولى من محرم الحرام من كل عام كان يبدو عليه اللوعة، فلا يكاد يُرى إلا حزيناً, وهو في هذا يسير على نهج الأئمة من أهل البيت (عليه السلام) الذين كانوا يرون في المحرم أيام حزن وبكاء.
4ـ ضمن محاولات تصعيد محاربة الشعائر الحسينية قام النظام البعثي بإصدار أوامر مشددة بمنع زيارة مرقد الإمام الحسين (عليه السلام) خلال الأربعينية مشياً على الأقدام, وهو ما دأب عليه الشيعة منذ فترة طويلة، فتحدى أهالي النجف المنع المذكور, وقرروا الزيارة مشياً، وخلال تلك المراسيم حاول أزلام النظام الاعتداء على الزائرين فردد الزائرون شعارات تندد بالدولة، وقد طلب الشهيد الصدر (قدس سره) حضوره وحضور حجة الإسلام الشيخ محمد حسين حرز الدين, وكلفهما بالذهاب إلى القائمين بالمسيرة, وأن ينقلا لهم تحيات السيد ومباركته لعملهم.
وطلب الشهيد الصدر (قدس سره) يعكس اعتماد المرجعية على الشهيد في أمثال هذه المواقف الحساسة، علماً أن هذا الطلب وإنجازه تم تثبيته من قبل النظام في ملفه في دائرة أمن النجف، وهو ما اتضح فيما بعد.
5ـ برنامج حضوره المجالس الحسينية حافل يستغرق أغلب أوقاته في العشر الأولى من المحرم، وعادة يخرج منذ الصباح فلا يعود إلى بيته إلاّ قبل صلاة الظهرين بقليل، ثم وبعد تناول الغداء والنوم لبعض الوقت يخرج ليحضر عدة مجالس فلا يعود إلى داره إلاّ في الساعة العاشرة مساءاً.
وفي هذه العشر يلغي كافة برامجه الأخرى من أجل التفرغ التام لهذه المجالس.
6ـ لم يكتف بحضوره المجالس الحسينية، بل كان يحث أيضاً أهل بيته على حضورها، وفي هذا الصدد يقول أيضاً نجله سماحة السيد محمود:
(مما ألفناه في تربيته لنا منعه البقاء خارج البيت مساءاً إلى أكثر من الساعة العاشرة كحد أعلى؛ حرصاً منه على تواجدنا قربه وتحت نظره، إلاّ أنه وفي شهر محرم الحرام يعطينا الحرية الكاملة في عدم العودة بوقت مبكر ليتسنى لنا حضور مجالس التعزية المقامة بمناسبة عاشوراء، وعادة يعود هو قبلنا، ولكنه لا يأوي إلى فراشهِ إلا بعد أن يتأكد من عودتنا جميعاً، وقد تعودنا أن يسألنا الواحد بعد الآخر عن المجالس التي قصدها).

جهاده السياسي:


اعتقل الشهيد (قدس سره) لأول مرة عام (1401ﻫ ـ 1981 م) وليوم واحد فقط، ثم أُطلق سراحه بعد تدخل الإمام الخوئي (قدس سره)، وآية الله العظمى السيد يوسف الحكيم (قدس سره)، وسبب الاعتقال يعود إلى أن السيد محمود دعائي ـ (رجل إيراني) ـ كان يمتلك بيتاً, وقد قام بتسجيله باسم الشهيد (قدس سره) علماً أنه كان يسكن في بيت مجاور لبيت السيد، فلما انتصرت الثورة الإسلامية في إيران خرج السيد دعائي من البيت لأجل المحافظة عليه، ولكن السيد فوجئ باستدعائه من قبل رجال الأمن، ومن أجل المحافظة على أثاث البيت ذكر لهم أن البيت يعود إليه, ولكنهم سلبوا فيما بعد جميع أثاثه بالقوة.
ومن جانب آخر (كانت تربطه صلة روحية وفكرية بالشهيد الصدر (قدس سره)، ولعل من نافلة القول الإشارة إلى أن أجهزة النظام كانت تستهدف كل المرتبطين بالشهيد الصدر (قدس سره) والعاملين معه.
كما عُرض على الشهيد (قدس سره) ولعدة مرات ومن قبل طلاب سوريين ولبنانيين كانوا في حلقات درسهِ السفر إلى سوريا أو لبنان؛ وألحوا عليه في ذلك، بل وذكروا له أن مجلس درسه لن يتوقف في مقره الجديد حيث سترتب له حوزة هناك، الاّ إنه رفض ذلك بشدة, إذ إنه لم يكن يرى أن من المصلحة ترك مدينة النجف المقدسة ولا الحوزة العلمية التي نذر وجوده لها.
ثم إنه كان ملتفتا إلى نقطة أساسية يهدف إليها النظام من خلال ممارسته لضغوط غير اعتيادية على العلماء ليجبرهم من خلالها على ترك النجف، وهو ما يؤدي إلى إضعاف الحوزة, ثم القضاء عليها.
وموقفه من الحرب المفروضة دل على تحدٍ واضح لسلطة غاشمة لا تعرف التردد في قتل من يقف أي موقف بالضد من الحرب، وقد شجع نجلهُ السيد محمد تقي على عدم الالتحاق بالجيش أبان القتال مع الجمهورية الإسلامية.
كما اهتم الشهيد (قدس سره) بمتابعة القضايا السياسية خاصة بعد تصاعد الأحداث في إيران, واقتراب تحقيق حُلم المؤمنين بتأسيس جمهورية إسلامية، وكان وحتى قبل عام 1399ﻫ ـ 1979م يرفض شراء جهاز مذياع حرصاً منه على تحصين أفراد أُسرتهِ، وخلاصة فكرته في ذلك الاعتماد على أقصى درجات الاحتياط في المحافظة عليهم.
أقول: أين نحن من أُناس سمحوا لأنفسهم بدخول الطبق الفضائي في بيوتهم ثم يتركون لأولادهم وبناتهم الحرية الكاملة في استخدامه وسط غزو ثقافي مخيف؟!

سفراته:


يعد السفر مع أفراد العائلة أسلوب تربوي جميل يمكن من خلاله الوصول إلى أهداف كثيرة، وقد حرص الشهيد (قدس سره) على أن يُلازم أولاده في سفر ينطلق بهِ كل عصر ثلاثاء من بيته في النجف بعد أن يلقي درسه اليومي نحو مسجد الكوفة ليؤدي هناك مع أولاده صلاة العشاءين.
أما يوم الخميس فيكون السفر نحو كربلاء وقبل صلاة العشاءين بساعتين ليجد الجميع أنفسهم قبل الغروب في مرقد الإمام الحسين (عليه السلام).
وفي الجانب المتعلق بتعليم أولاده أحكام الطهارة فقد حرص الشهيد (قدس سره) على هذا الموضوع بشكل كبير؛ خاصةً وإن صحة الصلاة تعتمد على معرفة هذه الأحكام بشكل صحيح.

حالته الاجتماعية:


للشهيد السيد مجيد الحكيم (قدس سره) عشرة من الأبناء، 4 من الذكور و6 من الأناث، أما الذكور:
1ـ السيد محمد علي الحكيم
2ـ السيد محمد تقي الحكيم
3ـ حجة الإسلام والمسلمين السيد محمود الحكيم
4ـ السيد أحمد الحكيم

قصة ذات دلالات:


في الساعة الثالثة من عصر يوم 13 جمادي الثاني 1405ﻫ ـ 3/3/1985م, وبعد أن تم تثبيت ملف كامل عن الشهيد (قدس سره) أثر توجيه أسئلة عامة حول اسمه الكامل وعمره وسكنه وعمله, اقتيد مع التسعة من آل الحكيم، ولينتزع من بين أهلهُ ممن عاش معه محنة الاعتقال.
يذكر نجله سماحة السيد محمود:
وأنا أُودعَه أوصاني بأن أُسدِّد ما في ذمته من أموال كان قد اضطرّ إلى اقتراضها قبل اعتقاله، ولكنني لم أستطع أن أفعل ذلك لمكوثي في السجن بعده؛ وليس هناك من يوصل خبراً إلى والدتي بعد أن منعت الدولة أن نلتقي بأهالينا حتى عام 1407ﻫ ـ 1987م, ووقتها أخبرت والدتي التي حضرت لمواجهتي بتأريخ 1 رجب 1407ﻫ ـ 1/3/1987م بما في ذمة والدي.
والقصة تعكس عدة معانٍ أهمها: التزام الشهيد بإرجاع حقوق الآخرين من خلال تثبيت ذلك كتباً، ثم الوصية لولده بذلك، وأخيراً توضح اهتمام المرأة الثاكلة رغم مصائبها بإفراغ ذمة زوجها.

نشاطه واستشهاده:


كان الشهيد السيد مجيد الحكيم (قدس سره) واحداً من أبرز المجاهدين الكبار الذين قاوموا حكومة حزب البعث المجرم ورفضوا الذل والهوان؛ ولذا أقدم النظام البعثي المجرم على اعتقاله عام (1403 هـ، 1983 م) لينال ذلك وسام الشهادة الرفيع بعد عامين من اعتقاله، ولاقى فيما لاقى من صنوف التعذيب الجسدي والنفسي.
رحمة الله عليه وسلام عليه يوم ولد ويوم جاهد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا.
تغمده الله برحمته الواسعة وأكنه فسيح جناته.
ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم.


  • المصدر: http://www.alhakeem-iraq.net/subject.php?id=11
  • تاريخ إضافة الموضوع: 2010 / 03 / 28
  • تاريخ الطباعة: 2024 / 03 / 29