• الموقع: مركز آل الحكيم الوثائقي.
        • القسم الرئيسي: أعلام آل الحكيم.
              • القسم الفرعي: في رضوان الله.
                    • الموضوع: المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم (قدس سره).

المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم (قدس سره)

النسب والنشأة:


أبو رياض السيد محمد سعيد بن السيد محمد علي الحكيم (قدس سره) السبط الأكبر لمرجع الطائفة الإمام السيد محسن الحكيم (قدس سره)، ولد في مدينة النجف الأشرف مركز الحوزة العلمية والمرجعية الدينية، في الثامن من شهر ذي القعدة الحرام عام (1354هـ = 1934م).
لقد حظي منذ نعومة أظفاره برعاية والده السيد محمد علي الحكيم (قدس سره) رعاية واهتماماً بالغين، وذلك لما وجده في ولده الأكبر من الاستعداد والقابلية على تلقي العلم والتعمق و التنظير لمباحثه، فوجهه والده (قدس سره) نحو ذلك، وهو بعد لم يتجاوز العقد الأول من عمره، وزرع في نفسه من سجايا الخلق المرضي والشمائل النبيلة ما انعقدت عليها سريرته وبدت بارزة في شخصيته.
وذلك لأن المربّي الأول قد اشتهر بصفات رفيعة، وآيات سامية، فهو على جلالة قدره، وطول باعه العلمي واجتهاده، كثير التواضع والمروءة، مؤثر على نفسه، متورع مخلص لربه، وقد أورث هذه السمات نجله الكريم حيث نشأ السيد الحكيم برعاية خاصة من لدن والده الذي باشر تدريسه من أول المقدمات لعلوم الشريعة وأحكامها، ـ رغم انشغاله بتدريس السطوح العالية آنذاك ـ وأنهى على يديه جلّ دراسة السطوح العالية.
وقد كان لتأثير أستاذه الأول هذا المدى البالغ في حسن توجهه العلمي، ولاسيّما ان هذه التلمذة كانت تقارنها صحبة وملازمة وثيقة الصلة بالمباحث الدراسية، منذ المراحل الأولى لحياته العلمية، فيما كانت حينها نوادي العلم ومجالس الفضيلة تغمر أفق مدينة النجف الأشرف، وتنعقد للمذاكرات العلمية، والمناقشات في شؤون المعرفة فقهاً وأصولاً، وما يتعلق بعلوم القرآن، والحديث الشريف، والتراجم والسير والرجال، والأدب الإسلامي الهادف، فضلاً عن العطاء الروحي الذي تسكبه في نفوس الحاضرين من مصاحبة الأخيار في سلوكهم، وما تستلهمه النفوس من تجسيد المعاني الخيرة، وتربية النفس، وتهذيبها على أسس راسخة من الإيمان والورع والتقوى والزهد والصبر وغير ذلك من الفضائل وكرائم الأخلاق وما تحكيه من الدروس العملية في الخير والفضيلة والسلوك.

مقامه العلمي:


ومن حيث تعرفنا على النشأة العالية التي تمتع بها السيد الحكيم (مد ظله)، والرعاية المتميزة من قبل والده (قدس سره)، وما أحاطه مرجع الطائفة الإمام الراحل السيد محسن الحكيم (قدس سره) من الاهتمام بسبطه الأكبر، حيث أدرك فيه النبوغ المبكر، والاستعداد الذهني، وما صدرت من آيات الثناء في حقه، تعبيراً عما يعقد عليه من آمال، وبما يحقق نبوءته في شخصيته العلمية، وبلوغه مراقي الكمال والنشاط العلمي، ولذلك فقد عهد إليه مراجعة مسودّات موسوعته الفقهية (مستمسك العروة الوثقى) استعداداً لطباعته، فقام بذلك خير قيام، وكان يراجعه في بعض المطالب فيجري بينهما التباحث والمناقشة، الأمر الذي اكتشف فيه الإمام الراحل السيد الحكيم (قدس سره) ما عليه سبطه من تفوق علمي فطلب منه مراجعة بعض الأجزاء المطبوعة منها.
وقد كان لتلمذته على الإمام الحكيم (قدس سره) وأُستاذه الجليل آية الله العظمى الشيح حسين الحلي (قدس سره) أبلغ الأثر في التربية والسلوك، حيث أنه كان يتلقى مع دروسه العلمية دروساً عملية في السلوك والتقوى والورع والزهد والصلاح، هذه المثل العليا، والقيم الروحية التي يجب أن يتحلى بها أعلام الدين وعلماء الأمة.
إلاّ أن الأمر البارز في حياته العلمية ضمن هذا الدور أنه واصل مع أستاذه المرجع الكبير الشيخ الحلي (قدس سره) ولازمه في جلساته العلمية العامة التي كانت تزخر بها النجف الأشرف آنذاك كذلك جلساته الخاصة التي كان يخصصها الأستاذ لتلميذه المثابر.
وقد كان السيد الحكيم ينوّه بقيمة تلك المصاحبة العلمية، حتى قال: ان استفادتي من مجالسة الشيخ الحلي أكثر من استفادتي من حضوري في درسه، من دون أن يعني ذلك التقليل من أهمية درسه (قدس سره)، وانما لبيان مدى الفائدة في تلك المداولات العلمية المستمرة مع الشيخ الحلي (قدس سره) وملازمته له.
وكان الشيخ الحلي (قدس سره) بدوره يشيد كثيراً بالعمق والمستوى العلمي المتميز للسيد الحكيم (مد ظله) ويعقد عليه آماله ويصرّح بذلك، ويعطيه حصة وافرة للمناقشة في مجلس درسه العامر بالأفاضل والعلماء.
وكان السيد الحكيم أصغرنا سنـاً في درس الشيخ، ولكنّه كان المبادر والأكثر مناقشة له.

أساتذته:


من هذا المنطلق يمكننا ان نعد ابرز أساتذة سماحة السيد الحكيم (مد ظله):
1ـ جده المرجع الأعلى للطائفة الإمام السيد محسن الطباطبائي الحكيم (قدس سره)، حيث حضر لديه جملة وافرة من أبواب الفقه، وكتب من ذلك ما يأتي في تعداد مؤلفاته.
2ـ أستاذ الفقهاء والمجتهدين المرجع الكبير الشيخ حسين الحلي (قدس سره)، حيث حضر لديه في علمي الفقه والأصول.
3ـ المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد أبو القاسم الخوئي (قدس سره)، حيث حضر لديه في علم الأصول لمدة سنتين، وكتب من ذلك ما يأتي عند الحديث عن مؤلفاته.
4ـ والده آية الله السيد محمد علي الحكيم (قدس سره)، حيث باشر تدريسه من أول المقدمات في اللغة والنحو والمنطق والبلاغة والاصول والفقه حتى أنهى على يديه جلّ دراسة السطوح العالية.

تدريسه:


بعد أن أتم (مد ظله) عدّة دورات في تدريس السطوح العالية للدراسة الحوزوية شرع في عام (1388هـ) بتدريس البحث الخارج على كفاية الأصول حيث أتم الجزء الأول منه عام (1392هـ) ثم وفي نفس السنة بدأ البحث من مباحث (القطع) بمنهجية مستقلة عن كتاب الكفاية حتى أتم دورته الأصولية الأولى عام (1399هـ)، ثم بدأ دورة أصولية ثانية وقد واصل التدريس والتأليف رغم ظروف الإعتقال القاسية التي مرّت به منذ عام (1403هـ إلى عام 1411هـ)، ومن ذلك ابتداؤه بدورة في علم الأصول ـ بتهذيب ـ خلال هذه الفترة.
وأما الفقه فقد بدأ تدريس البحث الخارج على كتاب مكاسب الشيخ الأنصاري (قدس سره) في عام (1390هـ) ثم في سنة (1392هـ) بدأ بتدريس الفقه الاستدلالي على كتاب منهاج الصالحين للإمام الحكيم (قدس سره) وما زال على تدريسه إلى اليوم رغم الظروف العصيبة التي مرّت به خلال سنوات عديدة، وقد تخرج على يديه نخبة من أفاضل الأعلام الأجلاء في الحوزة العلمية وهم اليوم من أعيان الأساتذة في الحوزات العلمية في حواضرها العلمية النجف الأشرف وقم المقدسة وغيرها.

مؤلفاته:


إضافة لما تميزت به بعض كتاباته أثناء دراسته السطوح العالية من تحقيقات ونكات علمية دقيقة فقد ظهرت له مجموعة مؤلفات منها:
1ـ المحكم في اصول الفقه، وهو دورة في علم الأصول كاملة وموسعة، تشتمل على ستة مجلدات، اثنان منها في مباحث الألفاظ والملازمات العقلية، ومجلدان في مباحث القطع والأمارات والبراءة والاحتياط، ومجلدان في الاستصحاب والتعارض والاجتهاد والتقليد.
2ـ مصباح المنهاج وهو فقه استدلالي موسع على كتاب (منهاج الصالحين)، وقد أكمل منه إلى الآن خمسة عشر مجلداً، في الاجتهاد والتقليد، وكتاب الطهارة، وكتاب الصوم، وكتاب الخمس ـ كتبه في فترة الإعتقال القاصية ـ وكتاب المكاسب المحرمة.
3ـ الكافي في اصول الفقه: دورة في تهذيب علم الأصول، بدأ بها في فترة الإعتقال، اقتصر فيها على البحوث المهمة في علم الأصول، طبع في مجلدين.
4ـ كتاب في الأصول العملية، كتبه اعتماداً على ذاكرته في فترة الإعتقال لم يكن بين يديه أي مصدر، ودرّس الكتاب نفسه آنذاك، ولكنه ـ وللأسف ـ أتلف في فترة الإعتقال للخشية في العثور عليه حيث تسربت أخبار بوجود حملة تفتيش وكان العثور عليه قد يؤدي إلى الإعدام.
5ـ حاشية موسعة على رسائل الشيخ الأنصاري (قدس سره) مهيئة للطبع في ستة مجلدات.
6ـ حاشية موسعة على كفاية الأصول، كتبها أثناء تدريسه الخارج على الكفاية في خمسة أجزاء.
7ـ حاشية موسعة على المكاسب، كتبها أثناء تدريسه خارج المكاسب، تقع في مجلدين، إلى مباحث العقد الفضولي.
8ـ تقريرات درس الإمام الإمام الحكيم (قدس سره) في كتب: النكاح، والمزارعة، والوصية، والضمان، والمضاربة، والشركة.
9ـ تقريرات بحث أستاذه الشيخ الحلي (قدس سره) في علم الأصول.
10ـ تقريرات بحث أستاذه الشيخ الحلي أيضاً، في الفقه.
11ـ تقريرات بعض ما حضره عند آية الله العظمى السيد الخوئي (قدس سره).
12ـ كتابة مستقلة في خارج المعاملات، كان (مد ظله) ينوي إكماله عندما تسنح له الفرصة.
13ـ رسالة عملية في فتاواه، في العبادات والمعاملات وفي ثلاثة أجزاء بعنوان (منهاج الصالحين).
14ـ مناسك الحج والعمرة.
15ـ رسالة موجهة للمغتربين.
16ـ رسالة موجهة للمبلغين وطلاب الحوزة العلمية وقد ترجمت إلى اللغة الفارسية والأردو.
17ـ حوار اجري مع سماحته حول المرجعية الدينية في حلقتين.
18ـ مرشد المغترب، يتضمن توجيهات، وفتاوى تهم المغتربين.
19ـ فقه القضاء، بحوث استدلالية في مسائل مستجدة في القضاء.
20ـ في رحاب العقيدة وهو حوار مفصل ـ في ثلاثة أجزاء ـ مع أحد الشخصيات الاردنية حول الكثير من مسائل العقيدة.
21ـ فقه الكومبيوتر والانترنت.
22ـ فقه الاستنساخ البشري.
23ـ الأحكام الفقهية: وهي رسالة عملية أيضاً، ترجمت الى اللغتين الفارسية والاردو.
24ـ الفتاوى: وهي أجوبة استفتاءات كانت ترد على سماحته في مختلف الموضوعات، ترجمت أيضاً إلى اللغة الفارسية، صدر منها القسم الأول.
25ـ رسالة توجيهية إلى المؤمنين في جمهورية آذربايجان والقفقاس، ترجمت كذلك إلى اللغة الآذرية.
26ـ رسالة توجيهية إلى حجاج بيت الله الحرام.
27ـ رسالة في الاصولية والاخبارية.
28ـ رسالة توجيهية للمؤمنين في گلگيت ونگر.

مرجعيته:


عرف عن السيد الحكيم (مد ظله) اهتمامه بالتدريس والتأليف، منذ بدايات شبابه، حيث كرس وقته لتطوير المستوى العلمي للكثير من الشباب في الحوزة العلمية، من خلال مباشرة تدريسهم ومتابعة جهودهم العلمية، فكان له الفضل الكبير في بلوغ الكثير من الفضلاء المستويات العلمية العالية، مع الاهتمام بتربيتهم ليتصفوا بالتقوى والاستقامة حيث شاركوا برفد الحوزة العلمية بمساهمات مهمة عن طريق التدريس والتأليف والتحقيق.
وبعد رحيل آية الله العظمى السيد الخوئي (قدس سره) كثر الرجوع إلى سماحته وتزايد الإلحاح عليه بالتصدي للمرجعية من قبل مجاميع كبيرة من المؤمنين وفضلاء الحوزة العلمية داخل العراق وخارجه منهم بعض كبار العلماء ومراجع الدين.
وقد اهتم سماحته بتفعيل دور المرجعية الدينية الأصيلة في المجتمع، لتتوثق العلاقة بين الأمة وبين الحوزة العلمية والمرجعية الدينية فيأمنوها على دينهم ودنياهم، وكذلك التأكيد على الاستقامة والثوابت الدينية العقائدية والفقهية والسلوكية التي حفظها العلماء الأعلام جيلاً بعد جيل بعد أن ورثوها واستلهموها من القرآن الكريم والسنّة. ويؤكد سماحته على أهمية التزام هذه الأُسس والصمود بوجه أعاصير المحن والفتن المتنوعة.
فكان أن تحمّل المسؤولية في الظروف الحرجة والمعقدة التي يمرّ بها المؤمنون في مختلف بقاع المعمورة وقد تميّزت اهتمامات سماحته ضمن المحاور التالية:
أـ في نطاق الحوزة العلمية ـ هذه المؤسسة الدينية التي تنوء بالحمل الثقيل في مواجهة الفتن وخطط الأعداء المتنوعة ـ اهتمّ سماحته بتنشئة ورعاية جيل من الطلبة يتزوّد بالتقوى والعلوم الإسلامية المختلفة ونلاحظ الآن رعايته للمئات من هؤلاء في الحوزة العلمية في النجف الأشرف حيث يهيّأ للمتفوقين منهم أساتذة وتوفّر لهم المستلزمات والامكانات المادية التي يحتاجونها لمواصلة دراستهم ومسيرتهم العلمية حيث يضاعف لهم الراتب الشهري بالإضافة إلى أصناف الدعم الأخرى. وقد وجّه سماحته رسالة لطلاب الحوزة العلمية ركز فيها على مجموعة من النقاط الهامة التي يفترض التزام طلاب الحوزة العلمية بها نشير هنا إلى بعضها:
1ـ التقوى وتبوّء مكانة القدوة في المجتمع، فقد أكّد سماحته مراراً ضرورة التزام العالم الديني بالتقوى وخشية الله تعالى ليكون قدوة للمؤمنين في مواقفه وسلوكه فتطمئن له نفوسهم وتتأكد ثقتهم به ويزداد ارتباطهم بالمبدأ الحق ومفاهيمه. وقد أكد في فتواه بأن العدالة المعتبرة في مرجع التقليد هي غير المرتبة العادية من العدالة المعتبرة في الشاهد وإمام الجماعة، فقد ذكر سماحته في شروط مرجع التقليد (العدالة بمرتبة عالية، بأن يكون على مرتبة من التقوى تمنعه عادةً من مخالفة التكليف الشرعي ومن الوقوع في المعصية وإن كانت صغيرة، بحيث لو غلبته نوازع النفس ودواعي الشيطان ـ  نادراً ـ فوقع في المعصية لأسرع للتوبة وأناب لله تعالى).
وفي رسالته لطلاب الحوزة أشار إلى أهمية التقوى من زاوية أخرى حيث قال: (على أن لرجل العلم ميزة عن سائر الناس في ذلك، فإن مقدمات معرفة الأحكام الشرعية والكبريات الاستدلالية غير منضبطة، وكثيراً ما تتدخل فيها القناعات الشخصية التي قد تتأثر بالعواطف والاعتبارات، وقد يجنح الباحث للحكم ويستوضح الدليل عليه بسبب ذلك، وقد يؤتى حظاً من القدرة على الاستدلال والخصام واللحن بالحجة فيبرز الشبهة بصورة الدليل، وكذا الحال في قناعاته الشخصية في الموضوعات الخارجية التي قد يرجع إليه فيها، ولا حاجز له عن التسامح في ذلك إلا التقوى والورع والخوف من الله تعالى، حيث يستطيع بسببها التمييز بين الشبهات الخطابية والاستحسانية، والأدلة القاطعة التي تنهض حجة مع الله تعـالى يوم يقف بين يديه ويعرض عليه).
2ـ المستوى العلمي العميق، فإنه يساهم في حفظ أصالة الفكر الشيعي ويحفظ مسيرة مذهب أهل البيت (عليهم السلام) من السطحية والذوبان، خصوصاً أنّ العالم الديني يتحمل مسؤولية استنباط الموقف الشرعي ومعالم الدين، وفي ذلك يقول سماحته مخاطباً طلاب الحوزة العلمية: (فاللازم تحري الأدلة المتينة والبراهين القويمة التي تصلح حجة بين يدي الله تعالى يوم الحساب الأكبر، وعدم التعويل على بهرجة الأقوال التي قد تقنع عامة الناس أو تناسب رغباتهم، من دون أن ترجع إلى ركن وثيق).
3ـ التحلّي بمكارم الأخلاق تأسياً بالرسول (ص); وأهل بيته (عليهم السلام)، وفي ذلك يقول سماحته: (وإن لأهل العلم في النبي; والأئمة (عليهم السلام) لأعظم أسوة، فإنهم (عليهم السلام) على رفعة مقامهم وعظيم شأنهم كانوا يعظّمون المؤمنين وإن كانوا ضعفاء، ويوجبون حقهم، ويتواضعون لهم، ويوصون بهم خاصّتهم، ولا يرضون بالتقصير في حقهم، ولا يتسامحون في هذا الجانب إطلاقاً).
4ـ الأصالة والارتباط بالجذور من دون انعزال وانغلاق، ففي الوقت الذي يفترض في العالم الديني أن ينفتح على مجتمعه بل سائر المجتمعات حيث أصبح العالَم ـ بفضل وسائل الاتصال المتطورة ـ كالقرية الكبيرة، ويكون واسع الأُفق، مستثمراً الإمكانات والأساليب الحديثة للدعوة إلى الدين والتنظير لمفاهيمه وطرحها بلغة حديثة ومنهجية معاصرة، إلا أنه لا يجوز أن يكون على حساب الأصالة والموضوعية في الاستنباط، وإلاّ مسخ الدين وتغيّر كلما تغيرت الظروف، وقد أشار سماحته لذلك بقولـه: (ويحق لهذه الطائفة أن ترفع رأسها فخراً واعتزازاً بمحافظتها على أحكام الله تعالى وتعاليمه، واهتمامها بأخذها من منابع التشريع الأصلية وصمودها في ذلك، متحدية أعاصير الزمن، وظلمات الفتن، على طول المدة وشدّة المحنة ...).
5ـ الاهتمام بتثبيت العقيدة وتعميق البحوث العقائدية ومواجهة الشبهات المختلفة التي تواجه الفكر الإسلامي الأصيل، وقد دعا العلماء والباحثين إلى الاهتمام بالبحوث العقائدية ومعالجة الشبهات، كما تصدى سماحته شخصياً لمواجهة بعض الأفكار والممارسات المنحرفة بإجابات تفصيلية شافية كان لها أثر بالغ في الأوساط المختلفة، ومن شواهد ذلك كتابه المعروف (في رحاب العقيدة) الذي يتضمن إجاباته التفصيلية على الأسئلة العقائدية التي وجهها أحد الباحثين الاردنيين ـ من خريجي قسم الشريعة ـ.
وكذلك مواجهة الظواهر العقائدية والسلوكية المنحرفة والفاسدة، من خلال الأجوبة التوجيهية التفصيلية التي وجّهها سماحته وعالج فيها ـ بحزم ـ الادعاءات الباطلة مثل دعوى السفارة والارتباط المباشر بأهل البيت (عليهم السلام) ونحو ذلك، وكذلك موقفه من ابتداع بعض الشعائر الشبيهة بمراسيم الحج حيث مارسها بعض المشبوهين والسذّج بين مرقدي الإمام الحسين (عليه السلام) وأخيه العباس (عليه السلام)، وحول ضريح الإمام الحسين (عليه السلام). في إحدى الفترات، واندثرت بعد ذلك، والحمد لله.
وكذلك موقفه الحازم من بعض البرامج التلفزيونية الفاسدة وبعض الممارسات والسلوك الأخلاقي المنحرف، مما كان له اثر إيجابي على نطاق واسع.
ب ـ الاهتمام بالجاليات الشيعية، خاصة التي تبتعد عن المراكز الدينية وتعيش ظروفاً صعبة، وفي هذا المضمار تأتي توجيهات سماحته بالاهتمام بالمغتربين وكذلك رسالته التي وجهها إليهم لدعمهم وحثهم على مواجهة الاغتراب، كما وجه سماحته رسالة إلى المؤمنين من أهالي گَلگيت لدعم موقفهم الحرج الذي يمرون به في مواجهة بعض الفئات التي تحاول بث روح الفرقة والاقتتال بين المسلمين، ورسالته التوجيهية التي وجهها لمسلمي آذربايجان والقفقاس بعد انهيار الشيوعية هناك، وكذلك متابعته لأوضاع المؤمنين في باكستان وأفغانستان وغيرهما من بقاع المعمورة.
ج ـ العمل الإسلامي المشترك لمواجهة خطط أعداء الإسلام، وفي هذا الصدد دعا سماحته إلى الانفتاح على المسلمين بمذاهبهم المختلفة لتفعيل النشاط الإسلامي، فقال مخاطباً المغتربين: (عليكم بالاهتمام بالعمل المشترك لخدمة الإسلام مع بقية طوائف المسلمين، من أهل الرشد والتعقل، والحرصِ على مصلحة الإسلام العليا، والبعد عن الدس والتعصب المقيت فإن اتفاقنا معهم في أصول الإسلام المشتركة يقضي بالاهتمام من الجميع بخدمتها وتركيزها وتشييدها والتعاون في ذلك على أتم وجه وأكمله...).
د ـ الاهتمام بالارتباط بالقرآن الكريم والرسول; وأهل بيته (عليهم السلام)، وقد تجلى ذلك في سيرته الشخصية من جهة فهو ملتزم بالقراءة اليومية والمتكررة للقرآن الكريم وكذلك قراءته وإحاطته بكثير من الكتب الحديثية الحاكية للسّنّـة من أقوال المعصومين (عليهم السلام) وسيرتهم، والمصادر التأريخية وغيرها. ولذلك نلاحظ وفرة استشهاداته في خطابه وتوجيهاته بآيات الذكر الحكيم والنصوص الشريفة، وقد أكّد ـ جواباً على سؤال وجّه إلى سماحته ـ على ضرورة اعتماد القرآن الكريم وكتب الأحاديث المعتبرة ونهج البلاغة والصحيفة السجادية مرجعاً رئيسياً للعلماء والخطباء والمتحدثين.
هـ ـ الارتباط العميق بأهل بيت النبوة (عليهم السلام) والتفاني بحبهم ويتضح ذلك من خلال توجيهاته المتكررة في مختلف المناسبات والاهتمام بالشعائر الحسينية والمناسبات الاسلامية ويظهر ذلك من خلال محاضراته السنوية في محرّم واهتمامه بقراءة مقتل الإمام الحسين (عليه السلام) شخصياً.
وقد كان لحضوره في مجالس المراكز الإسلامية، وكذلك قراءته لمقتل الإمام الحسين (عليه السلام) ومشاركته في مراسيم العزاء خلال سفرته العلاجية إلى لندن أثر بالغ في أوساط الجالية الإسلامية هناك وارتباطهم بآل البيت (عليهم السلام) واهتمامهم باحياء ذكرهم وإبراز ظلاماتهم (عليهم السلام).
وـ تأكيد العلاقة الوثيقة بالأمة واتباع أهل البيت (عليهم السلام) فلا يدع سماحته أي مجال حتى يقدّم النصح والتوجيه عن طريق المحاضرات والخطاب المباشر في النجف الاشرف وحتى خلال سفره للعلاج ورغم حالته الصحيّة آنذاك تصدّى لتوجيه المؤمنين المغتربين، وكذلك طلبة الحوزة العلمية في سورية، والمؤمنين الذين التقاهم، وتذكيرهم بجذورهم الدينية والاخلاقية الأصيلة وثقافة الإسلام ومدرسته المتمثلة بنهج آل البيت (عليهم السلام).
زـ اهتمامه البالغ بدعم العوائل الفقيرة والمحتاجين، وقد تجلى ذلك من خلال الدعم المتنوع لهم ومن ذلك تخصيص رواتب شهرية منتظمة لآلاف العوائل الفقيرة في العراق.
ح ـ الاهتمام بتعمير مجموعة من الأماكن والعتبات المقدسة المتداعية أو التي أشرفت على الانهيار بسبب انعدام الرعاية اللازمة لها، مثل مشروع بناء وتجديد مسجد السهلة الضخم، وإنشاء الكثير من المساجد في مختلف مدن العراق وسوريا.
ط ـ دعم التبليغ الديني، وتأتي في هذا الإطار برامج إرسال المبلّغين ودعم النشاط التبليغي في باكستان والهند وافغانستان، و الجمهوريات المستقلة حديثاً في آسيا الوسطى والمدن السورية وشمال العراق، والمخيمات العراقية في إيران، وبعض المناطق الإيرانية، وكذلك دعم إقامة دورات دينية تربوية في مناطق مختلفة خاصة المناطق المحرومة، ونشر ثقافة أهل البيت (عليهم السلام) في البلاد الإسلامية، خصوصاً في جمهوريات آسيا الوسطى بعد تفكيك الاتحاد السوفيتي حيث يتكفل مكتب سماحته بارسال مبلّغين إليها من بين طلبة هذه البلدان، ودعم الأنشطة التبليغية المتنوعة هناك.
ي ـ الارتباط بالمراكز والمؤسسات الإسلامية في أمريكا وأوروبا عن طريق الاتصال المباشر وتغذيتها بمختلف الكتب الإسلامية والإجابة على الأسئلة المتنوّعة التي ترد من المؤمنين هناك والمساهمة الواعية في حل الكثير من المشكلات التي تواجهه الجاليات الإسلامية، وكذلك مراسلتها من خلال إصدار بيانات توجيهية بالمناسبات الدينية، لربطها بالمرجعية الدينية والحوزة العلمية، وكذلك تفعيل بعض أنشطة هذه المراكز، لدعم وتثبيت الحالة الدينية والأخلاق الإسلامية بين الجاليات الإسلامية في الغرب.
وقد كان لهذا الارتباط والأنشطة تأثير إيجابي على مختلف الأصعدة، بالنسبة للمراكز الإسلامية المذكورة.
وقد تم وبسعي حثيث وجادّ تغذية مواقع الأنترنيت التابعة لمكتب سماحته بالعلوم والثقافة الإسلامية الأصيلة المتنوعة باللغات العربية والإنكليزية والاردو، لإيصال الفكر الإسلامي ونهج أهل البيت (عليهم السلام) وعلومهم المختلفة عبر ذلك إلى مختلف أنحاء المعمورة، والإجابة على أسئلة المؤمنين وغيرهم المتنوعة الفقهية والعقائدية وغيرها.
ك ـ متابعة الأحداث التي تهم العالم الإسلامي واتباع أهل البيت (عليهم السلام) والتحديات التي تواجههم، واتخاذ المواقف والخطوات المناسبة، من جانب المرجعية الدينية، نذكر منها:
1ـ دعم صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الصهيوني الغاشم ورفض احتلال القدس الشريف وباقي الأراضي الفلسطينية.
2ـ تأكيد حق الشعب اللبناني في تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الغاشم، ومباركة النصر المؤزر للمقاومة الإسلامية في تحرير الجنوب.
3ـ استنكار جرائم القتل الجماعية التي ارتكبتها عصابات (طالبان) ضد شيعة آل البيت (عليهم السلام) خاصة المدنيين العزّل في افغانستان.
4ـ شجب عمليات القتل العشوائية ضد شيعة آل البيت (عليهم السلام) وتفجير المساجد والحسينيات، التي ترتكبها عصابات (جيش الصحابة) في باكستان، ومطالبة رئيس الحكومة الباكستانية بتحمّل مسؤولياتها في وقف هذه الجرائم البشعة، وقد عبّر رئيس وزراء باكستان السابق (نواز شريف) خلال رسالته التي سلمت لمكتب سماحة السيد الحكيم (مد ظله) عن تفهم لقلق المرجعية الدينية و حرص حكومته على وقف تلك الممارسات الإجرامية و معاقبة أصحابها.
5ـ تقدير موقف رئيس جماعة نهضة العلماء في أندونيسيا عبد الرحمن وحيد، في إفشال خطة الوهابيين بتكفير شيعة آل البيت (عليهم السلام) ومنع أنشطتهم هناك بحدود عام (1416هـ)، حيث بلغ مكتب سماحة السيد الحكيم (مد ظله) تقدير سماحته لموقف رئيس جماعة النهضة في رسالة خاصة، مما كان لذلك اثر إيجابي.
6ـ الضغط على الحكومة الماليزية و إبلاغها بقلق المرجعية الدينية بسبب اعتقال شيعة آل البيت (عليهم السلام) هناك ـ في أواخر التسعينات ـ بتأثير نفوذ الجماعات المناوئة لخط آل البيت (عليهم السلام) هناك من خلال آية الله الشيخ محمد مهدي شمس الدين (قدس سره) رئيس المجلس الإسلامي الشيعي في لبنان.
7ـ استنكار موقف مفتي الأزهر وتصريحاته الهوجاء بتكفير شيعة آل البيت (عليهم السلام)، ومفاتحة سماحة الشيخ شمس الدين (قدس سره) للضغط على شيخ الأزهر والمفتي المذكور لتلافي تلك التصريحات ومنع تكرارها، حيث استجاب الفقيد الراحل مشكوراً لمتابعة الموضوع.
8ـ استنكار تصريحات ومواقف قادة بعض الدول الغربية ضد الإسلام والممارسات التعسفية ضد الجاليات المسلمة هناك. إلى غير ذلك من المواقف المعبرّة عن حضور المرجعية الدينية ومتابعتها للأحداث التي تهمّ العالم الإسلامي ومصير المسلمين.

الاعتقال:


بعد استيلاء الدكتاتور المتوحش صدام التكريتي على السلطة وإزاحته لسلفه احمد حسن البكر في (17/ تموز/ 1979م) بإيعاز من قوى الكفر العالمي وأذنابهم ليؤدي ما عجز عنه سلفه من أدوار ومهمّات إجرامية بشعة، اشتدت الضغوط وقساوة النظام على العراقيين، خاصة الحوزة العلمية في النجف الأشرف بعلمائها وفضلائها، وقد آثر سماحته البقاء في الحوزة العلمية وعدم مغادرة العراق متحمّلاً تلك الضغوط والمخاطر في سبيل المساهمة في الابقاء على هذا الكيان العلمي والثقافي العريق وعدم تحقيق أماني السلطة الغاشمة في تفريغه من العلماء والأفاضل والسيطرة عليه.
وكان سماحته يواجه بصلابة ضغوط النظام آنذاك على العلماء والأفاضل لإظهار تأييد الحوزة العلمية له، بل كان سماحته يشجع على مواجهة تلك الممارسات الاجرامية مهما كلف من ثمن.
وقد بلغت الضغوط قمّتها أبان الحرب العراقية الايرانية، خاصة بعد أن فشلت خطة صدام في إسقاط الثورة الإسلامية الفتية في ايران بحرب خاطفة، وعندما تصاعدات الهجمات العسكرية الايرانية في جبهات القتال دعا المجرم صدام إلى عقد مؤتمر لـ(علماء المسلمين) في بغداد على أساس أن يحضره علماء المسلمين من داخل العراق وخارجه سماه (المؤتمر الإسلامي الشعبي)، في عملية دعائية مفضوحة، لإظهار دعم علماء المسلمين له من جهة، وليكون ذريعة لتجنيد المزيد من العراقيين إلى جبهات القتال تحت مسميات الجيش الشعبي والمتطوعين، بذريعة فتوى العلماء بالجهاد ضد (البغاة الايرانيين) ـ كما أسماهم ـ.
وكان من الطبيعي أن يضغط على العلماء في الحوزة العلمية بالمشاركة في هذا المؤتمر، وانصبَّ اهتمامه على أسرة آل الحكيم، لما لها من مكانة علمية وجماهيرية داخل العراق وخارجه، ولإظهار مخالفة الأُسرة لموقف شهيد المحراب آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره) في معارضته للنظام وقد تسربّت أنباء عن عزمه على اناطة رئاسة المؤتمر إلى إحد العلماء من السادة آل الحكيم، وعلى ضمهم إلى الوفود التي ارسلها المؤتمر ـ فيما بعد ـ إلى الدول الإسلامية لحشد التأييد لصدام ونظامه.
وقد اشتدّت ضغوط النظام على آل الحكيم للمشاركة في المؤتمر المذكور بمختلف أساليب التهديد والترهيب، بعد ان أرسل عدة دعوات إليهم تتضمن الدعوة للاشتراك في المؤتمر المذكور.
وعندما لم يجد النظام اذناً صاغية من الأسرة للاشتراك في المؤتمر أرسل إلى بيت الشهيد آية الله السيد محمد رضا نجل مرجع الطائفة الإمام الحكيم (قدس سره) مدير أمن النجف (المعروف بأبي مخلص) ـ وهو من تكريت ـ وشخصاً آخر أرفع منه لم يعّرف نفسه إلاّ انه مبعوث صدام ـ وهذا من أساليب إدخال الرعب ـ وقد أبلغه الوفد أن صداماً يصرّ على مشاركة الأسرة في المؤتمر، وانه سوف يعتبر الأُسرة معادية إذا رفضت الحضور، وانه لا يقبل أي عذر للرفض، إلاّ انّ السيد محمد رضا الحكيم ـ والذي كان معروفاً بالشجاعة والجرأة ـ أبلغه برفض الأُسرة الحضور مهما كانت الظروف والضغوط، وقد احتدم النقاش بين الطرفين بسبب اصرار الوفد وتهديده ورفض السيد، حتى قال له الشهيد السيد محمد رضا: (أبو مخلص أنت تطبخ حصو) وهو مثل شعبي معروف في العراق كتعبير عن عدم جدوى الإصرار والتهديد. فخرج الوفد غاضباً وخائباً ليبلّغ سيّده الطاغية بفشل المهمة التي أُرسل من أجلها.
بعد حوالي اسبوعين من انعقاد ذلك المؤتمر الذي شعر النظام بفشله بسبب تغيّب السادة من آل الحكيم، أصدر صدام أمراً باعتقال الأُسرة انتقاماً منهم بسبب موقفهم المشرّف والذي صار معلماً في تاريخ العراق الحديث، خصوصاً انه لم يكن في تلك الفترة كيان علمي ديني واضح للحوزة العربية في العراق مثل ما كان لآل الحكيم بسبب انخراط العديد من رجال الأُسرة وشبابها في الحوزة العلمية، وهو ما كان يُغيظ النظام كثيراً.
وقد كان السيد الحكيم (مد ظله) ووالده آية الله السيد محمد علي الحكيم (قدس سره) واخوانه وأولاده من جملة المعتقلين، وتمّ التركيز في التحقيق الذي واجهه السادة آل الحكيم في معتقل مديرية الأمن العامة سيء الصيت على مجموعة بشكل خاص منهم سماحة السيد نفسه، إلاّ ان الله تعالى بلطفه دفع عنه شرّ الظالمين.
ومنذ الفترة الأولى من انتهاء التحقيق في مديرية الأمن العامة في بغداد تكيّف سماحته مع جوّ الاعتقال، وكان يؤكد على باقي المعتقلين باستمرار على أهمية التسليم لله تعالى وإيكال الأمر إليه وتقوية العزيمة والصبر، رافضاً كل فكرة للمساومة والتنازل للسلطة، كما بدأ بدرس في تفسير القرآن الكريم ـ رغم عدم وجود أي مصدر سوى مصحف صغير متآكل ـ إلاّ أن عملاء السلطة احسّوا بالدرس وفتحوا تحقيقاً حول الموضوع علماً أن التثقيف الديني داخل السجن حُكمه الإعدام لدى نظام الطاغية صدام، فاضطرّ لترك الدرس المذكور، إلاّ ان مجالس المناقشة العلمية ـ السّرية طبعاً ـ بقيت كما تصدى سماحته لإحياء المناسبات الدينية من خلال المحاضرات، وتحفيظ بعض شباب الأُسرة القصائد الدينية التي كان يحفظها في ذاكرته ليلقوها ـ بسّرية ـ في تلك المجالس التي كانت تقام بسرّية تامة بعيداً عن مراقبة أعوان السلطة.
الأقسام المغلقة في سجن أبي غريب:
وفي الشهر الثالث من عام (1985م) نقلت السلطة المعتقلين من السادة آل الحكيم من معتقل مديرية الأمن العامة في بغداد إلى الأقسام المغلقة التابعة لقسم الأحكام الخاصة في سجن أبي غريب، بعد أن أعدموا منهم 16 شهيداً خلال وجبتين، وادخلوهم إلى ما يسمى (ق 2) وجمعوهم في غرفتين مستقلتين مقفلتين بحيث لا يمكن لأية مجموعة الالتقاء ورؤية المجموعة الأخرى.
ورغم الظروف المعيشية القاسية في هذه الأقسام المغلقة ـ والتي لا مجال لشرحها هنا ـ إلاّ انها من ناحية أخرى فتحت مجالاًُ رحباً نسبياً للنشاط العلمي والتربوي والتثقيفي للسادة آل الحكيم بسبب كثرة عدد السجناء واهتماماتهم الدينية والثقافية، بالإضافة إلى ابتعاد السجن عن رقابة السلطة نسبياً، بسبب قلة تردد عناصر جهاز الأمن وحذرهم من عدوى مرض التدرن المنتشره بين السجناء، حتى كان بعضهم يلبس الكمامات عند دخوله إلى السجن.
وقد منح كل ذلك فرصة لسماحة المرجع السيد الحكيم (مد ظله) لمزيد من النشاط العلمي والتربوي والاجتماعي داخل السجن، نذكر بعضاً منها:
1ـ النشاط العلمي والثقافي.
2ـ النشاط التربوي والاجتماعي.
3ـ الصمود في التحقيق.

حالته الاجتماعية:


لسماحة المرجع الديني الكبير السيد محمد سعيد الحكيم (مد ظله) ثمانية من الأبناء، 6 من الذكور، و2 من الأناث، أما الذكور:
1ـ حجة الإسلام والمسلمين السيد رياض الحكيم
2ـ حجة الإسلام والمسلمين السيد محمد حسين الحكيم
3ـ حجة الإسلام والمسلمين السيد علاء الدين الحكيم
4ـ حجة الإسلام والمسلمين السيد عز الدين الحكيم
5ـ حجة الإسلام السيد حيدر الحكيم
6ـ حجة الإسلام السيد علي الحكيم


  • المصدر: http://www.alhakeem-iraq.net/subject.php?id=132
  • تاريخ إضافة الموضوع: 2012 / 11 / 19
  • تاريخ الطباعة: 2024 / 03 / 29