الصفحة الرئيسية

  القرآن الكريم

  أهل البيت عليهم السلام

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  شهداء آل الحكيم

  معرض صور آل الحكيم

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  أعلام آل الحكيم

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  أخبار هامة

إظهار / إخفاء الأقسام الفرعية

  التراث العلمي

  صور الفيس بوك

  قصص وضحايا

  مواقع صديقة

  من نحن

  إتصل بنا



البحث في الموقع









جديد الموقع




 أسرة الإمام الحكيم (قدس سره) تقيم مجلسها السنوي بذكرى ايام عاشوراء

 مكتب سماحة السيد عمار الحكيم (دام عزه) يقيم حفل تأبيني بمناسبة الذكرى السنوية لرحيل عزيز العراق (قدس سره)

 مكتب سماحة السيد عمار الحكيم (دام عزه) يقيم حفل تأبيني بمناسبة الذكرى السنوية لاستشهاد شهيد المحراب (قدس سره)

 المؤمنون في العالم يحيون يوم الشهيد العراقي

 الجالية العراقية في لندن تقيم حفل تأبيني بمناسبة الذكرى السنوية لإستشهاد سفير المرجعية

 أسرة الإمام الحكيم (قدس) تقيم مجلس تأبيني بمناسبة الذكرى السنوية لرحيل زعيم الطائفة السيد محسن الحكيم (قدس)

 البرنامج الجماهيري السنوي في العراق احياءاً لذكرى استشهاد الإمام الحسين (ع)

 أسرة الإمام الحكيم (قدس سره) تقيم مجلسها السنوي في العشرة الأولى من شهر محرم الحرام

 نشاطات بعثة شهيد المحراب (قدس سره) في الديار المقدسة .. مصور

 مسجد وحسينية آل ياسين في الكاظمية المقدسة تستضيف آية الله السيد جعفر الحكيم (دام عزه) .. مصوّر




صور عشوائية




 عزيز العراق العلاّمة المجاهد السيد عبد العزيز الحكيم (قدس سره)

 الشهيد حجة الإسلام والمسلمين السيد محمد رضا الحكيم (قدس سره)

 سماحة السيد حيدر السيد محمد باقر الحكيم (دام عزه)

 سماحة آية الله السيد محمود الحكيم (قدس سره)

 شهيد المحراب آية الله العظمى السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره)

 المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم (قدس سره)

 الدكتور السيد محسن السيد عبد العزيز الحكيم

 الخطيب حجة الإسلام السيد هادي الحكيم (رحمه الله)

 سماحة العلامة السيد محمد صادق الحكيم (رض)

 سماحة حجة الإسلام السيد محمد كاظم الحكيم (قدس سره)





إحصاءات


  • الأقسام الرئيسية: 11

  • الأقسام الفرعية: 35

  • عدد المواضيع: 204

  • التاريخ: 28/03/2024 - 14:41







  • القسم الرئيسي: بانوراما.

        • القسم الفرعي: ثقافة ومجتمع.

              • الموضوع: تبدل القيم.

تبدل القيم

تبدل القيم

 

نلاحظ ان كل فرد يحظى بمكانة اجتماعية معينة داخل مجتمعة وذلك تبعا لما يلعبة من دور ومايمثلة هذا الدور من فائدة واهمية سواءً له او للمجتمع، فمكانة الفرد تتحدد من خلال مجموعة من القيم التي يتبناها المجتمع في الحكم على قضية او موضوع معين،لذلك نلاحظ ان قيمة الافراد واعمالهم ومكاناتهم - رغم انها ثابتة نسبيا - تتبدل وتتغير من مكان لاخر ومن زمن لاخر، فنرى مثلا ان الافراد الذين يمارسون مهنة معينة قد يحتلون مراتب في اعلى قمة الهرم الاجتماعي وذوي مكانة اجتماعية متميزة في فترة معينة، الا اننا نجد ان مكانتهم قد تدهورت وانخفضت في فترة اخرى، او ان الافراد اللذين ينتمون الى جماعة او فئة او طبقة اجتماعية او دينية معينة يحتلون مرتبة او مكانة اجتماعية معينة ثم نجد انها تبدلت من فترة الى اخرى، ويرجع ذلك الى ان القيم الاجتماعية والتي تمثل المقاييس والاحكام قد تغيرت وتبدلت في هذا المجتمع تبعا لتبدل ظروف وحاجات المجتمع.

 تكمن مشكلة البحث في ان القيم الاجتماعية ورغم ثباتها النسبي وكونها تمثل المقياس واداة الحكم على المواضيع والاشياء، الاانها تغيير وتتبدل تبعاً لظروف معينة، مما يؤدي الى حدوث خلل وارباك واضطراب في تفكير الافراد تجاه مواضيع عامة تحدد الاطار العام لبناء وثقافة هذا المجتمع.

وتكمن اهمية البحث في التعرف على ما هية العوامل والاسباب والظروف التي ادت وتؤدي الى تبدل وتغير القيم الاجتماعية في المجتمع العراقي منذ قرابة الخمسة عشر عاما(1992_2008) وما هي نتائجه على هذا المجتمع.

ويهدف البحث الى معرفة وتشخيص العوامل والظروف التي تؤدي الى حدوث هذا التغير والتبدل في القيم الاجتماعية التي ادت وتؤدي الى حدوث خلل واضطراب في بناء وثقافة المجتمع وبالتالي الخلل في تفكير الافراد حول مكانتهم الاجتماعية ودورهم الاجتماعي واحكامهم حول المواضيع والقضايا العامة.

كما يهدف ايضا الى تحديد اهم العوامل والاسباب التي تلعب دورا في حدوث هذا البتدل والتغير في القيم الاجتماعية وما هي نتائجة.

ما هي القيم

يعد مفهوم القيم من بين اكثر مفاهيم العلوم الاجتماعية غموضاً وارتباطاً ٍٍبعدد كبير من المفاهيم الاخرى كالاتجاهات والمعتقدات والدوافع والرغبات.... ويرجع هذا الغموض الى ارتباط المصطلح بالتراث الفلسفي من جهة، كما انه يقع على ارض مشتركة بين مجموعة من العلوم والمعارف المختلفة من جهة اخرى.

ولاعطاء مفهوم القيم تعريفا واضحاً لا بد وان يخضع لعدد من المعايير منها ان يكون واضحاً ومميزاً وبعيداً عن اللبس والغموض. ولما كانت القيم ملهمة للاحكام ومصدراً لها بالنسبة الى التصرفات والسلوك، فهي ايضاً الاساس الضمني لاي نموذج ثقافي، وهي تحتوي معايير السلوك ذات صفة مميزة، فمثلاً نحن نعرف ونحدد ونميز قواعد اللياقة والاصول في التعامل وقواعد تنظيم الطقوس وان كثيراً من هذه القيم والنماذج المثالية هي التي تقود سلوكنا وتوجهه في حياتنا اليومية، وسلطة هذه القيم لا تعتمد على القوة بقدر اعتمادها على الانتماء الى القيم لذلك فالارتباط شديد الثقة بين القيم والنماذج المثالية(1).

وقد حاول الكثير من العلماء والمختصين وضع وصياغة تعاريف محددة للقيم اتفقت في اطارها العام،الا انها اختلفت من الناحية الفعلية،فهي على العموم اكدت على ان القيم تنتج من الثقافة والمجتمع والشخصية، وانها تعبر عن الدوافع وعن الحاجات والرغبات والميول وتحدد طرق ووسائل اشباعها.

وقد عرفها (ستبوارت دور) بانها الرغبة او الشيئ المرغوب فيه الذي يختاره الفرد في وقت معين.وعرفها(نيل سملر) بانها الفعاليات المرغوبة التي توجه النشاط الانساني، او هي القضايا العامة للغايات الشرعية الموجة للفعل الاجتماعي(2).

وعرفها (فليب جاكوب ) بانها مستويات معايرية يتاثر بها الانسان في اختياره بين بدائل السلوكيات المدركة.

كما عرفها عدد من علماء الاجتماع العرب على انها مجموعة من المعتقدات التي تتسم بقدر من الاستمرار النسبي والتي تمتثل موجهات للاشخاص نحو تحديات او وسائل لتحقيقها او انماط سلوكيه يختارها ويفضلها هؤلاء الاشخاص بديلا لغيرها وتنشأ هذه الموجهات عن تفاعل بين الشخصيه والرافع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي وهي تفصح عن نفسها في المواقف والاتجاهات والسلوك اللفظي والعقلي والعواطف التي يكونها الافراد نحو موضوعات معينة(3).

ويتخذ بعض الباحثين من القيم الاجتماعيه دليلا موجها في دراساتهم للثقاقة والشخصيه على اساس ان هذا الاتجاه اقدر من غيره في الكشف عن خفايا الثقافه والشخصيه ويعتمده الكثير من الباحثين الانثروبولوجيين والاجتماعيين كقاعدة عامة ترتكز عليها بحوثهم بشكل او باخر، والقيم تفرض نفسها على الافراد كمقاييس مشتركة يسخرونها في اي مجتمع كانوا لحل مشلكلهم وحسم خلافاتهم وتحقيق حالة من الاجماع والاتفاق الضمني والعلني حول قضايا وامور مختلفة.ومن المعروف -كما اكد فرويد وغيره من العلماء في مجال علم النفس والاجتماع - ان القيم الاجتماعية تمثل الجانب المهذب والمقنن او احيانا البديل عن الغرائز لدى الانسان ليتحرر من قيودها ويدخل عالم الاختراع والابداع لهذا اعتمد بعض الانثروبولوجيين القيم اطاراً شمولياً لفهم وبحث العلاقة بين الثقافة والشخصية.

كما وصفوها ليس فقط كنظام يوجه واقع الجماعات فحسب،بل كونها تمثل نظرية علمية يمكن اعتمادها في بحث الانسان وانشطته وافكاره ومعتقداته وهكذا تظل القيم تتحكم في سلوك البشر حتى في احلامهم وطقوسهم التي تتسم بالانفعالات والفورات العاطفية الحاده الى جانب اغلب الاحلام والخيالات والهلاوس التي يخرجون بها وقتياً عن سيطرة التقليد وتفرعاته، ويبدو ان عجز علماء النفس التقليدين وقدامى الفلاسفة عن تفسير مختلف اشكال السلوك الغريب للمتخلفين عقلياً وعبدة الاوثان كان عاملاً مهماً دفع علماء النفس واانثروبولوجيا والاجتماع الى استخدام نظريات مختلفة للكشف عن اللاشعور وعن الثقافة.

 

القيم وتبدل المجتمع

من المعروف ان القيم الحقيقية لاي مجتمع هي قيم تخص المجتمع ذاته وليس اي مجتمع اخر، فهي تمثل او تعبر عن المثل العليا التي تتخذها جماعة من الجماعات وتنتسب اليها، كما ان هذه القيم الخاصة بكل مجتمع على حده هي قيم تمتاز بالثبات النسبي اي ان هذه القيم هي ايضاً متبدلة ومتغيرة في نفس المجتمع ولكن هذا لا يحدث الا في فترات زمنية مختلفة ومتباعدة، حيث ان هذه القيم لا تتبدل او تتغير بشكل سريع او مفاجئ، وانما بشكل بطيئ وتدريجي يكاد لا يشعر به افراد المجتمع انفسهم وخاصة في المجتمعات التقليدية والتي تمتاز بالتراث او المخزون الثقافي ذات البعد الروحي، فهي تتغير ولكن بشكل تدريدي وبطيئ جداً مقارنةً بالمجتمع المادي الصناعي(4).

 اذن القيم تمثل حالة خاصة لمجتمع معين ولفترة زمنية معينة، وذلك لان القيم تتغير عبر الزمان والمكان ( وذلك تبعا لمتغيرات ومثيرات وعوامل سنتطرق اليها لاحقاً ) وتوصف القيم بانها نسبية وتتضمن شحنة انفعالية وتستدعي انتماءً عاطفياً واحاسيس هي التي تفسر الثبات النسبي للقيم عبر الزمان في مجتمع معين ومحاولتها في مقاومة التغير الذي قد تتعرض له وغالباً ما تؤدي هذه الانفعالات والاحاسيس الى ايجاد علاقة قوية بين القيم المختلفة، قد يكون من الصعب على العقل تفهمها او التعامل معها بموضوعية او حيادية وعقلانية.

مما تقدم نستنتج ان القيم هي وسيلة نحكم من خلالها على ما هو مرغوب او غير مرغوب فيه لتحقيق غرض معين، ومع امكانية اختيار المفضل بسبب وجود البدائل ويختلف وزن وتأثير هذة القيم من فرد لاخر مجتمع لاخر ومن وقت لاخر تبعا لظروف وحاجات معينة ويتفق معظم علماء الاجتماع على ان القيم تتسم بالثبات اي انها تعمل على ان تحافظ على بقائها واستمرارها وذلك لارتباطها بثقافه وشخصيه افراد المجتمع ارتباطا عاطفيا ووجدانياً من جهه ولانها تعمل على اشباع الحاجات لهم من جهة اخرى (بمستوى معين ).

 الا ان هذا الثبات ليس ثباتا تاما ومطلقا بل هو ثباتا نسبيا، اي انها تتغير وتتبدل ( ولو بطريقة او بدرجه معينه ) وعلى الرغم من ما تملكه القيم من قدره على مقاومه التغير او التبدل اوالتعديل الا اننا نلاحظ انها تتغير من وقت لاخر داخل نفس المجتمع وان هذه القيم تتبدل في تفصيلاتها واحكامها واشكالها ووجودها داخل النسق الثقافي لمجتمع معين، فقد ترتفع مكاناته قيمة معينة في النسق الثقافي في فتره زمنية معينه ثم نجدها تنخفض وتتدهور مكانتها في وقت اخر(5).

اذن لابد من وجود اسباب وعوامل تؤدي الى تحريك وتبديل هذه القيم من جهة وتتغير مواقعها ومكانتها في النسق الثقافي من جهه اخرى داخل نفس المجتمع..

ويمكن ان ترجع اسباب هذا التبدل والتغير في القيم ومكانتها الى عدة اسباب سنتناول توضيحها وشرحها تباعا:

اثر العامل الاقتصادي في ثبات وتبدل القيم:

يلعب الوضع الاقتصادي للفرد والمجتمع دوراً فاعلاً ومهماً في تحديد نوع وطبيعة القيم السائدة والتي يتحدد من خلالها مكانة الفرد ومقدار ما يحظى به من تقدير واحترام داخل المجتمع، فمن المعروف والمعتاد عليه ان الافراد الذين يتمتعون بمستوى اقتصادي جيد او عالي عادة ما يحظون باحترام وتقدير جيدين وبمكانة اجتماعية متميزة بين افراد المجتمع.على العكس من الاخرين الذين يعانون من العوز والفقر، حيث تكون مكانتهم متدنية وواطئة، ويرجع ذلك الى عدة اسباب منها: ان المال يمكن ان يعطي حصانة وحماية للفرد من الاخطار التي يمكن ان يتعرض لها الافراد المالكين له كما انه يساعدهم ويمكنهم من حماية انفسهم من التعرض للاصابة بالامراض والمشاكل الصحية العادية كما انه يبعدهم عن سؤال الاخرين والحاجة الى مساعدتهم ودعمهم دون مقابل بل ان ذلك يتم عادة من خلال دفع ثمن مناسب لتلك الخدمات او انها تقدم من قبل الاخرين كنوع من التودد والتقرب اليهم. هذا بالاضافة الى ان المال عادة ما يرتبط بالسلطة داخل المجتمع مما يدفع اصحاب المال الى وضع او تبني قيم ذات مضمون مادي تتناسب مع حالتهم ووضعهم وتدعم وتقوي مكانتهم في المجتمع(6).

في حين ان حاجة الفقراء الى بعض الامور والخدمات قد تدفع بهم الى سؤال الاخرين او طلب مساعدتهم وغالباً ما يكون هذا دون دفع مقابل وأنما كنوع من الهبة والمساعدة المجانية وهذا عادة يتطلب نوع من التوسل والتنازل عن بعض الحقوق والامتيازات الاجتماعية، وذلك لان اشباع بعض الحاجات الاساسية يحظى باولوية واهمية اكبر من بعض الحاجات الاخرى مثل الحفاظ على التقدير او الشكل الاجتماعي وخاصة اذا كانت هذه الحاجات لا تهم الفرد بذاته وانما تهم اشخاص اخرين مرتبطين به وهو المسؤول بشكل مباشر عن رعايتهم وتوفير الخدمات الاساسية لهم، مما يضطره الى التنازل عن امتيازات او حقوق معينة مقابل اشباع هذه الحاجات الاساسية والاكثر اهمية له ولافراد اسرته مثلاً وخير مثال على ذلك ما حصل للكثيرين من المعلمين والمدرسين والمهندسين وغيرهم من الذين كانوا يحضون بمكانة اجتماعية عالية ومميزة بسبب علمهم وعملهم وسلوكهم وعلاقاتهم مع الاخرين، وكذلك طبيعة ومستوى نشاطهم داخل وخارج المؤسسة العلمية وما يمتازون ويحضون به من رصانة واحترام وتقدير في الجتمع، الا انهم وفي ظل الظروف التي رافقت الحصار الاقتصادي في العراق عام 1990 وتدني الوضع الاقتصادي والمعاشي لهذه الشريحة من الموظفين مما اضطر بعظهم الى ان يسلك بعض النشاطات والفعاليات والسلوكيات التي يمكن ان تدر عليه بعض المكاسب المادية والتي تساعد في اشباع حاجاته وحاجات اسرته، وتساعده في حل بعض المشاكل الحياتية اليومية مثل اعطاء دروس خصوصية خارج نطاق المؤسسة التعليمية، وما يتخلل ذلك من خلل وخرق لبعض قواعد المؤسسة وعلاقاتها، وقيام علاقات غير سوية مع الطلاب كمحاولة لاجتذابهم او الحصول منهم على بعض الامتيازات المادية....... او القيام ببعض النشاطات الاقتصادية التي لا تتناسب مع وضع ومكانة المعلم وامدرس في المجتمع، الا انها تدر عليه بعض المكاسب التي تساهم بشكل مؤثر في سد واشباع حاجاته وحاجات اسرته الاساسية ( على الاقل ) مثل القيام بعمل بسيط كبيع بعض المواد البسيطة على الارصفة او العمل كسائق سيارة اجرة، وما يتضمنه ذلك من اشكاليات في التعامل مع الاخرين ومنهم تلاميذه مما يؤثر على وضعه ومكانته الاجتماعية، حيث انه قد يشعر بالخجل والاحراج والقلق لكونه لا يتصرف بما يتلائم مع مكانته الاجتماعية في المجتمع وهو شاعر بأن هذا السلوك هو سلوك اونشاط غير مرحب به او غير مرغوب فيه من قبله او قبل الاخرين، او ان يضطر الى التصرف بنفس الاسلوك الذي يسلكه اصحاب هذه المهن (والذي يمتازون بوضع اومكانه اجتماعيه مختلفه ) ليستطيع ان يستمر معهم وهو مع ذلك مضطر الى هذا العمل او السلوك لان هناك اولويات يعمل الانسان لاشباعها حسب اهميتها، ومن المعروف ان اشباع الحاجات البايلوجية ( كالغذاء مثلا) لها اولويه على امور وحاجات اخرى كالحاجه الى التقدير الاجتماعي وذلك حسب راي العلماء ومنهم العالم ( ماولسو ) حيث قسم الحاجات حسب تسلل هرمي وضع في اوله او قاعدته الحاجات البايلوجيه ثم الحاجة الى الأمن ثم التقدير الاجتماعي ثم احترام وتقدير الذات واخيرا الرقي والترف، وهذه الحاجات تاتي تباعا، اي انه كلما اشبعت حاجه معينه تنتقل الى المرتبة التي تليها وتشبع حاجاتها وهكذا الى ان تصل الى اعلى المراتب وهي الرقي الاجتماعي والرقي والترف (7).

ولذا نجد ان اشباع الحاجات الاساسيه البايلوجيه ( التي تبقى على حياة الانسان كالاطعام والشراب ) يحظى باولوية كبرى والتي قد تضطر الناس وتدفعهم الى التنازل عن امور وحاجات اخرى اقل تاثيراً والحاحاً.

مما تقدم نستنتج ان قية العلم والتعليم ومن يقومون بها كانت تحظى بمكانة رفيعة ومتميزة، وخير دليل على ذلك قول الشاعر( قف للمعلم واوفه التبجيلا كاد المعلم ان يكون رسولا ) فضلاً عما ذكر في القران الكريم والحديث النبوي الشريف عن قيمة العلم والعلماء

الا اننا نلاحظ ان قيمة العلم قد تدهورت في فترة التسعينات من القرن الماضي،وظهرت بدلاًً منها قيماً اخرى احتلت مكانة ارفع منها، الا وهي قيمة المال، حيث تم تفضيله في مرتبة القيم على قيمة العلم، فاصبحت الاولوية والمكانة الافضل للمال ولمن يملكونه على حساب العلم ومن يملكونه، سواء على مستوى تفكير الفرد او المجتمع، لذلك لجأ الكثير من الافراد في المجتمع الى اتباع الاساليب والطرق التي يمكن ان تحقق لهم المكاسب المادية الافضل وجمع المال على حساب اشياء اخرى كانت تمثل قيمة اعلى سابقاً لانها اصبحت ذات تاثير مباشر على حياة الانسان(8).

وبدأ افراد المجتمع يتعاملون بشكل مختلف مع من يمتلك المال ومن لا يمتلكه بغض النظر عن الامور الاخرى، فأصبح المال هو القيمة الاعلى والافضل من بقية القيم الاخرى وذلك لحاجة افراد المجتمع له في تلك الفترة التي عانى فيها المجتمع من ضغوط اقتصادية كبيرة وقوية اثرت بشكل مباشر في حياة الافراد والمجتمع، وكل هذا بطبيعة الحل مرتبط بالوضع الاقتصادي للمجتمع، فاذا كان المجتمع لا يعاني من مشاكل مادية واقتصادية فان قيماً اخرى يمكن ان تكون لها الاولوية والافضلية في تحديد مكانة الافراد في المجتمع اما اذا كان المجتمع وافراده يعانون من عوز مادي ومشاكل اقتصادية فأن قيمة المال ستكون هي الفضل والاعلى في تحديد مكانة الافراد فيه، لانها قادرة على اشباع الحاجات وسد النقص ودعم المواقف والتاثير في التفكير ووضع القرار.

 

اثر العامل الاساسي في ثبات وتبدل القيم

للاوضاع السياسية وكذلك طبيعة ونوع السلطة في ذلك المجتمع وكذلك نوع وطبيعة ومستوى القيادات السياسية الحاكمة في المجتمع دور فاعل في تعزيز ورفع قيمة معينة على حساب قيماً اخرى وذلك تبعا لتلك الظروف والعوامل والشخصيات السياسية الحاكمة وطريقة وطبيعة الحكم،حيث ان الاهداف التي تطمح اليها القيادات السياسية وما تسعى الى خلقه من ظروف سياسية فانها ستعمل على التاكيد على قيما معينة ورفعها وتعزيزها واسنادها ما دامت تعمل على تحقيق اهداف هذه السلطة والحكام اما القيم التي تعمل على مناهظة الاوضاع السياسية والاهداف التي تسعى اليها السلطة الحاكمة فانها سوف تُحارب بكل الوسائل المتاحة.

ومن المعروف ان هنالك ثلاثة انواع من السلطة ( حسب رأي العالم ماكس فيبر ) وهي : السلطة الكارزمية و التقليدية و القانونية(9).

ولكل من هذه الانواع من السلطة فلسفة واسلوب خاص بها، سواء في الحكم او في احتلال وتولي المناصب السياسية والقيادية لذلك فان كل نوع من هذه الانواع من السلطات سوف يعمل على ان يعزز وينمي ويرفع من مكانة قيمة معينة والتي تعمل على خدمة هذه السلطة واسنادها وتعزيز وجودها وبقائها واستمرارها، فمثلاً السلطة الكارزمية التي تؤكد على امتلاك القائد لصفات وخصائص لا يتمتع بها الاخرين من ابناء المجنمع، وانه قادر على ان يواجه جميع المواقف ويحل جميع المشاكل والازمات بما يمتلكه من صفات يعجز عنها ويفتقر اليها الاخرين، وهب صفات خارقة وغير عادية تتجاوز حدود وقدرات البشر العاديين لذلك فمن غير الطبيعي(حسب رأي اتباعها) ان يستشير هذا القائد( الملهم) الافراد الاخرين من ابناء المجتمع حول مسألة او موضوع معين يحتاج الى حل او تغيير وذلك لان قراره ورأيه هو الاصوب والافضل وما الاخرين الا رعية تابعين مصدقين وهم بحاجة الى من ينقذهم من مشاكلهم ويرشدهم الى الطريق الصحيح،وهي امور لا يعرف بها او عنها ابناء عموم المجتمع الا هذا القائد الكلرزمي الخارق اذاً لا مجال هنا للقيم التي تشجع على الابداع التعلم او التعاون والمشورة بل ان القيم المطلوبة والمفضلة هي الولاء والطاعة والاخلاص للقائد وكلما كانت الطاعة والولاء اقوى كلما ازدادت مكانت الفرد في المجتمع واقترابه من السلطة ومن هذا القائد الضرورة والذي اكتسب صفاته وقدراته لا بالتعلم والسعي وانما بالالهام والفطرة اما من يحاول ان يناقش او يفهم او يتعلم فهو فرد غير مرغوب به، لان الكارزمة صفة خارقة وهبةٌ عليا يعجز العلم والعلماء عن الوصول اليها- وان اجتهدوا - بل وانها ستسبب عرقلة لانجازات هذا القائد الكارزمي الذي يحظى بدعم قوى غيبية من جهة وموافقة وقناعة ابناء المجتمع من جهة اخرى، وهنا سيقوم القائد الكارزمي بتقريب من هم اكثر ولاءً وطاعة واخلاص للقائد ويعطيهم مكانة ارفع واعلى من الاخرين الذين يمتلكون مؤهلات اخرى قد تكون علمية او اخلاقية او غيرها......(10).

اما اذا تحول النظام من السلطة الكارزمية الى الديمقراطية ( لسبب ما ) فأن القائمين على هذا النوع من السلطة سوف يعملون على رفع مكانة قيماً اخرى مختلفة عن تلك التي كان يتعامل بها او يعتمدها النظام الكارزمي فقد يعمل على رفع قيمة العلم والعلماء والكفاءات العلمية والعملية في العمل والولاء للمجتمع وليس الولاء للقائد واحترام رأي الاخرين والتعاون والمشورة والمساواة بين ابناء المجتمع على اساس كفاءتهم وليس على اسس قرابية او المحسوبية او غيرها..... وبذلك تعزز قيماًً جديدة وتحل محل تلك القيم السابقة التي كانت سائدة او معتمدة كأساس للحكم والتقييم في النوع السابق من السلطة، وهكذا للانواع الاخرى من السلطة.

 

اثر العوامل الاجتماعية في تبدل القيم

 تمثل الظروف والاوظاع والعلاقات الاجتماعية بين افراد المجتمع في حدود مجتمع معين وما تنضمة من تحديد لطبيعة التراتب الطبقيي او الفئوي على اساس طبيعة الانتماءات والعلاقات القرابية والدموية والعائلية وما يمكن ان تحتله او تمثله من موقع في سلم الهرم الاجتماعي على اساس هذا الانتماء والانتساب، فمثلا من ينتسبون او يرجعون الى عائلة او جماعة معينة هم الذين يحتلون او يمثلون الطبقة الاجتماعية المميزة او الراقية في المجتمع ليس لشيئ وانما مجرد انتسابهم او انتمائهم الى تلك الجماعة او العائلة من دون الاخذ بنظر الاعتبار اية عوامل او مميزات اخرى كالكفائة والقدرة والانجاز والمهارة وغيرها من المميزات الاخرى وهذا يرجع الى ان مثل هذه الجماعة او العائلة تمثل وتحتل في ذلك المجتمع وفي وقت معبن موقع متميز وهذا يمكن ان ينطبق على من يوالي او يساند تلك الجماعة او العائلة ويقترب منها بالعمل لديهم او المصاهرة او المجاملة وغيرها...... كما ان أبناء هذه الجماعة او العائلة يمكن ان يتبنو او يشجعوا اعمال وسلوكيات بل وافكار معينة، وبالتالي فهي تعمل على رفع شأن من يمارسونها او يتبنونها....... وبطبيعة الحال فان موقع ومكانة مثل هذه الجماعة يمكن ان يتغير وبالتالي فان كل ما يرتبط بها من اعمال وافكار يمكن ان يتغير سواء بالارتفاع والرقي او بالتدهور والانحطاط وبالتالي تتغير مكانة وقيمة الافراد العاملين بها اوالمعتنقين لافكارها، وبما ان هذه الجماعات والعوائل تؤمن وتعتنق بل توجد وتشجع قيماً معينة رفعت من شأنها في ذلك المجتمع فانهم سيعملون على تثبيت واستمرار مثل هذه القيم وتعزيزها بكل السبل والوسائل المتاحة، بل وستحارب او تقاطع وتمنع كل ما من شأنه ان يغير او يؤثر او يقلل من قيمة هذة القيم او تحدد وجودها وتأثيرها وانتشارها وأستمرارها في المجتمع لان في ذلك تحقيق لوجودهم واستمرار لبقائهم في وضعهم الحالي وما يترتب على ذلك من مصالح وامتيازات اجتماعية... وبما ان لكل جماعة او عائلة مميزات وصفات وافكار بل ومهن وعلاقات خاصة، فـأن اي تغيير في مكانة او وضع هذه الجماعات والعائلات فأنه سيؤثر حتماً في مكانة وطبيعة كل القيم والافكار والاعمال والسلوكيات والمهن والعلاقات المرتبطة بها سلباً او ايجابا (11) لان ارتفاع قيم جماعة معينة او عائلة معينة هو ارتفاع ورقي للعائلة او الجماعة نفسها كما ان رقي وارتفاع وتميز جماعة معينة يعني ارتفاع ورقي وتميز قيمها وعدها هي الافضل والانجح والارقى في الحكم على الاشياء والامواضيع والمواقف في ذلك المجتمع وبالتالي ستسعى الى تثبيت كل منها الاخر وتحقيق لبقائه واستمرار وجوده في الموقع المرغوب الذي هو فيه، هذا من جهة ومن جهة اخرى فأن بعض الجماعات او العائلات ستعمل وبمرور الزمن على اجراء بعض التعديلات والتغيرات في بعض القيم وذلك بما ينسجم ويتماشى مع الظروف والاوضاع الجديدة، فتبدي نوعاً من المرونة في تعديل او تبني قيماً جديدة، وهذا بطبيعة الحال يمكن ان يؤدي الى احداث تغيرات في التراتب الاجتماعي، وتبني قيماً جديدة مكان القديمة التي سوف تؤدي حتماً الى حدوث تغيرات في التراتب الاجتماعي، وظهور قيما جديدة تتماشى مع طبيعة وظروف التغيير الذي طرأ في تلك التراتبات الاجتماعية الجديدة.

ومن الجدير بالذكر ان نشير الى انه حتى العلاقات الاجتماعية التي يقيمها الافراد تتجه نحو الافراد الذين عادة ما يكون لهم اثر وقدرة على سد الاحتياجات واشباع الحاجات للاخرين لذلك يحاول الافراد اقامة علاقات او التقرب من العلماء او المفكرين بل وقد يدعون بانهم اصحاب علاقات او مقربين من اولائك الافراد ذوي العلم والمعرفة، فيما اذا كانت قيمة العلم والمعرفة ومن يمتلكونها يحظون بمكانة رفيعة ومن الطريف ان نلاحظ ان الكثير من افراد المجتمع وحتى المتعلمين والمثقفين منهم يحاولون ان يقيموا علاقات مع اخرين قد لا يتمتعون بمركز او مكانة اجتماعية رفيعة او راقية بل قد يعدون من ذوي المكانة المتدهورة او الواطئة ( بسبب مستوى تعليمهم او طبيعة مهنهم...) وذلك لانهم اصبحوا الان( في ظل ظروف الحصار والحرب ) الاقدر على اشباع بعض الحاجات وسد بعض النواقص والتي اصبحت ضرورية، مثل اقامة علاقة مع رافعي النفايات او البستاني او البائع المتجول للنفط والغاز او عامل محطة الوقود وغيرهم من نفس الفئة وذلك لقدرتهم بصورة او باخرى على اشباع بعض الحاجات الساسية والضرورية المهمة في الوقت الراهن وبذلك نلاحظ انحطاط قيمة ومكانة العلم والعلماء بسبب قلة الحاجة اليهم وارتفاع قيمة غيرهم لانهم الاقدر على اشباع الحاجات الاساسية والضرورية والاكثر اهمية الان.

 اثر العامل الديني في تبدل القيم

ادرك العماء والباحثين حقيقة ان حياة الانسان تتكون من جانبين اساسين هما: المقدس و غيرالمقدس، ونعني بالمقدس ان تدخل الجماعات بعض الاشياء ( سواء كانت مادية اومعنوية ) وهي تتفاعل معها على اساس ما تمثله من صفة التقديس والاحترام والتبجيل الذي تحضى به وبالمقابل فأن هنالك اشياء ( مادية او معنوية ) اخرى لا تحضى بهذا الاحترام والتبجيل وبذلك فهي غير مقدسة.

ومن ابرز العلماء الذين تناولو هذا الموضوع بأهتمام هو العالم الفرنسي (اميل دوركايم) والذي اشار الى ان المجتمعات البدائية تقسم نظمها الدينية وفق اساسين هما: العقائد (اي الافكار) والثاني هو الطقوس والشعائر( الممارسات والسلوكيات)

 ويشير الى ان كل منها يكمل الاخر، كما انها تعمل معاً وترتبط وتتغلغل في جميع جوانب الحياة الاخرى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتربوية.......(12).

ويرى بعض المهتمين بهذا الموضوع ان العقائد الدينية والروحية والطقوس التي ترافقها هي ميادين تنطوي على اتجاهات اسقاطية تعبر عما يكمن في النفس وفي اللاشعور من المواقف والازمات قد لا يعبر عنها بصورة صريحة ومفهومه، بل تتخذ صيغا واشكالاً رمزية، وتظهر البحوث الانثروبولوجية الصلة القوية بين اثر الواقع الاجتماعي والمحتوى النفسي لكثير من المعتقدات الدينية السائدة في المجتمع وبما ان الديانات مختلفة فأن معتقداتها هي الاخرى مختلفة ومتباينة، لذلك فأن اثرها وارتباطها في الواقع الاجتماعي المعاش وما يرتبط بها من مضامين نفسية وتاثيرات حياتية هي الاخرى مختلفة وبالتالي يمكن ان توجد وتخلق قيماً اجتماعية هي الاخرى مختلفةً(13).

مما تقدم نستنتج ان العامل الديني وما يتضمنه من اختلافات وتباينات طائفية وفكرية تمثل عامل مهم وفاعل في التأثيرعلى طبيعه ونوع القيم الاجتماعيه واعتمادها كاساس في الحكم على المواضيع والا شياء والمواقف، ومن المعروف ان الدين والتشريعات الدينية من خلال النصوص الدينية والاحاديث والاحكام تٌعد هي الاساس في كافة او اغلب القيم والاعراف الاجتماعية، كما ان تفسير هذه النصوص والاحاديث والاحكام يختلف من مجتمع لاخر ومن وقت لاخر تبعاً لطبيعة الفهم من جهة وطبيعة الظروف والحاجات من جهة اخرى، وذلك حسب طبيعة المعتنقين لافكار هذا الدين (اي دين) وتقسيماتهم الطائفية والفكرية.

فكما ان الديانات بصورة عامة قد تخلفت في التركيز والاهتمام بقيمة معينة كاساس للحكم على المواضيع والاشياء بل وحتى الافراد في سلوكياتهم وافكاره(14) فبعض الاديان تفضل وتعزز قيمه معينة- كالاقتصاد والزهد اوالحرب والفروسية واخرى على المساوات واخرى على الفروق- وتقدمها على القيم الاخرى وتعطي من يقتربون منها مكانة اعلى وافضل من الاخرين البعيدين عنها وذلك على اعتبار ان مثل هذه القيم الاقرب الى افكار ذلك الدين ويعامل الافراد ومدى قربهم او بعدهم عنها على انهم متدينين او غير متدينين وبذلك تكون القيم الدينية هي الساس في رفع مكانة الافراد او تدهورها على اساس مدى قربهم او بعدهم منها لانها تمثل الجوهر الفكري لذلك الدين.

 فبعض الاديان تشجع او تسند الاقتصاد والعامل الاقتصادي واخرى تفضل الصفات الحربية والمهارات القتالية وهنالك اديان تتبنى الرؤية العالمية واخرى تفضل التميز والخاص وديانات تفضل الجمع بين الدين والدولة واخرى تفضل الفصل بينهما وبعض الاديان تشجع الحراك والتقدم والتطور واخرى تعمل على الثبات والجمود والاستقرار وبعض الاديان تشجع على الانفاق واخرى تشجع وتدعم الزهد والترشيد.

وابرز من كتب في هذا الموضوع هما العالمان كارل ماكس و العالم ماكس فيبر حيث اكد العامل كارل ماكس على اثر الوضع الاقتصادي في الوضع والجانب الاخلاقي والدين للمجتمع وكيف ان الاقتصاد يمكن ان يلعب دوراً مهمأ في مدى تغير اخلاق الناس ودينهم او تعاملاتهم بأمور دينهم في حين اكد ماكس فيبر على ان الدين والاخلاق هي المحرك والمؤثر في الوضع الاقتصادي للافراد والمجتمع وما يمكن ان يمثله الدين وافكاره ومبادئه من تحريك ونمو للوضع الاقتصادي للمجتمع وله في ذلك المقولة المشهورة ( ارني بروتستانياً جائعاً ).

 كما ان عنوان اطروحته في الدكتوراه ( الاخلاق البروتستانية وروح الراسمالية ) والذي فيه قلب للموازين حيث اعطى الاخلاق للدين واعطى الروح للسوق في حين ان المعروف والعادي هو ان الدين له الروح والاقتصاد والسوق له الاخلاق والتعامل وهذا تاكيد واضح من قبله على مدى اهمية وقيمة الدين في تحريك المجتمع ونموه وتطوره في كافة النواحي وخاصة الاقتصادية منها(15).

وبما ان الديانات والطوائف والمذاهب الدينية مختلفة وبالتالي فأن القيم التي تتبناها وتستند اليها هي الاخرى مختلفة فكل ديانة وكل طائفة تفضل وتعزز القيم التي تعتقد انها الافضل وانها الاقرب الى جوهر افكارها هذا من جهه ومن جهة اخرى فأن الاديان على اختلافها ورغم ما تضمه من افكار وممتقدات تحدد من خلالها ما هو مقبول او غير مقبول (الحلال والحرام) الا انها تتضمن بعض السماح في عدم الالتزام الكامل او الضمني ببعض الاحكام والتصرفات والاعمال لهذا الذين في حالات او مناسبات معينة بحيث لا تؤثر على مكانة الافراد عند عدم التزامهم الكامل بهذه القيم والاحكام التي تمثل تلك الافكار( ومنها قوله تعالى فمن اضطر غير باغ ولاعاد فلا اثم عليه ) وغيرها من الاشارات التي تسمح بعدم الاتزام باحكام النصوص الدينة التي يمثل الاتزام الكامل بها اعلى مراحل الرقي والرفعة وهنا يكون موضوع تحديد سمات عدم الاتزام او ضروفه وحالاته تسمح فيها بعدم الالتزام هذا مختلف حسب التفسيرات والتاويلات فما قد يعده البعض مقبولاً مباحا يعده الاخرون حراماً مرفوض ويعطي لذلك ما استطاع من مبررات وتاويلات واسانيد تخدم وتدعم موقفه وهذا بطبيعة الحال سيؤدي الى تحريك وتغيير القيم التي اعتمدت كاساس من الناحية الدينية في تقييم المواضيع والاشياء والمواقف والافراد على اساس مدى التزامهم او قربهم من تلك القيم التي اصلها واساسها هو التشريع والنصوص الدينية.

 وهنا لا بد من الاشارة الى ان النصوص الدينية لا تتغير وانما الذي يتغير هو التفسير والتاويل الذي يقوم به الافراد لهذه النصوص وضروفها وحاجاتها وبما ان هذه التاويلات والتفسيرات متغيرة اذن فالقيم المرتبطة بها هي الاخرى متغيرة ومتبدلة.

 

الخاتمة

مما تقدم نستنتج ان كل ما يحدث في المجتمع من تغيرات وعلى كافة المستويات وفي كافة المراحل يمكن ان يؤثر بشكل مباشر او غير مباشر في احداث تغيير في نوع وطبيعة القيم الاجتماعية التي يعتمدها المجتمع كمقلييس للحكم على الاشياء والمواضيع والافراد ومكاناتهم الاجتماعية، وما يمكن ان يحدثه من تغير او خلل في التفكير وفي الحكم على المواضيع والمواقف العامة والخاصة في حياة الافراد والمجتمع مما يدفع به نحو الرقي والنهوض والتطور اذا ما تبنى قيماً اجابية وفعالة اوتؤدي به الى الانحطاط والتدهور اذا ما تبنى واعتمد قيماً تؤدي الى الحد من القدرات والطاقات التي تدفع بالمجتمع نحو النمو والتطور والتي تشجع على ما من شأنه التقليل من مكانة الافكار والاعمال التي ترتقي بالمجتمع فثقافة المجتمع تخلق الحاجات وفي ذات الوقت تُوجد الوسائل والادوات والطرق لاشباع هذه الحاجات ثم توجد القيم التي تحكم من خلالها على ما هو مرغوب او غير مرغوب فيه من هذه الادوات والوسائل والطرق المستخدمة في سد النقص واشباع الحاجات وفق الظروف التي اوجدت وانشأت فيه هذه القيم وتبعاً لمستوى القائمين عليها من ابناء المجتمع.

 

...................

(*) تدريسي في قسم الانثروبولوجيا ـ الجامعة المستنصرية - عضو الجمعية العراقية للعلوم الاجتماعية

 

...................................

المصادر

(1) د.قيس النوري : الحضاره والشخصيه، دار الكتب، الموصل 1981.

(2) نبيل حنا :الاتجاهات التقليديه والحديثه في الانثروبواجيا الاجتماعيه دار المعرفة، مصر 1985.

(3) د. قيس النوري :الثقافة والشخصية شكلا وسلوكا، ط 2، مطبعه جعفر العصامي ـ بغداد 2006.

 (4) ابراهيم ناصر:الانثربولوجيا الثقافية ـ دار الفرقان ـ بيروت 1985.

(5) د.ريسان عزيز :اتجاهات الفرد نحو الطب الشعبي والعلاج بالسلوكيات الجمعية اطروحة دكتوراة غير منشورة ـ جامعة بغداد 2005.

(6) عبد الباسط عبد المعطي :النظرية المعاصره في علم الاجتماع،دار المعرفة ـ الاسكندرية.

(7) يوسف الحجاجي : تصدع الشخصية،مطابع الهيئه المصرية ـ مصر 1986.

(8) ـ مارفن هايرس :الانثروبولجيا الثقافية ( ترجمة محمد عودة ) دار المعرفة ـ مصر 1985.

(9) نيقولا تيماشيف : نظرية علم الاجتماع( ترجمة محمود الجوهري ) ط4، دار المعارف ـ القاهرة 1977.

(10) ابو بكر احمد باقادر :الاسلام والانثرو بولجيا، دار الهادي بيروت 2004.

(11) روجية باستيد :السوسيولوجيا والتحليل النفسي( ترجمة وحيه البعيني ) دار الحداثة، بيروت 1988.

(12) عبد الباسط عبد المعطي: مصدر سابق.

(13) ابو بكر قادر : مصدر سابق.

(14) شكيب كاظم : مطارحات في الثقافة، مطبعة دار الشوؤن الثقافية بغداد ـ 2007.

(15) محمد عاطف غيث :الانثربولوجيا الثقافية، دار المعرفة الاسكندرية ـ 1987.

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ: 2010/03/30   ||   القرّاء: 7436



جميع الحقوق محفوظة لمركز آل الحكيم الوثائقي 2008 ـ 2024

||  يسمح للجميع الاقتباس مع ذكر المصدر  ||
تصميم، برمجة وإستضافة:   

الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net